الكتاب المقدس

للقديس يوحنا الدمشقي

من المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي

 

            إنه الله الأحد المنادى به في العهدين، القديم والجديد، والمسبح والممجد في ثالوثه هو المقصود في قو الرب: " أنا لم آت لأحلّ الناموس والأنبياء لكن لأتمّم (متى ٥:۱۷). فإنه هو نفسه الذي صنع خلاصنا الذي من أجله كان كلّ كتاب وكلّ سر. ويقول الرب أيضاً: "فتشوا الكتب، فإنها هي نفسها تشهد من أجلي". ويقول الرسول:" إن الله الذي كلّم الآباء قديمً كلاماً متفر الأجزاء، مختلف الأنواع، كلمنا في هذه الأيام بالإبن"(عب ۱: ۱–۲). فبالروح الدس تكلّم الناموس والأنبياء ةالإنجيليون والرسل والرعاة والمعلمون.

 

          إذاً فإنّ الكتاب كله قد أوحي به من الله. ومن ثمّ هو مفيد..."(۲ تيموثاوس ٣ : ۱٦). لذلك يحسن ويفيد جداً البحث في الكتب الإلهية، فكما الشجرة المغروسة على مجاري الماه هي النفس أيضاً المرتوية  من الكتاب المقدس الإلهي، فتتغذى وتأتي بثمر ناضج، أعني الإيمان المستقيم، وتزهو بأوراقها الدائمة الإخضرار أعني بها أعمالها المرضية لله. ونحن إذا سرنا على هدىً من الكتاب المقدس نخطو في طريق السيرة الفاضلة والاستنارة الصافية، فنجد فيها مدعاة لكل فضيلة ونفوراً من كلّ رذيلة. وعليه إذاً كنا نحبّ معرفتها وتكثر فينا هذه المعرفة. وبالإجتهاد والكدّ والنعمة التي يعطينا الله يتم إصلاح كل شيء، "لأن كل من يسأل يُعطى ومَن يطلب يجد ومن يقرع يُفتح له"(لوقا ۱۱:۱۰). فنقرع إذاً باب الكتب المقدسة، الفردوس الأبهى الذكي الرائحة الفائقة العذوبة الجزيل الجمال والمطرب آذاننا بمختلف أنغام طيوره العقلية اللابسة الله، النافذ إلى قلبنا فبعزّيه في حزنه ويريحه في غضبه ويملأه فرحاً لا يزول. وهو الذي يجعل ذهننا على متن الحمامة الإلهية المذهّب والبراق (مزمور ۷٦:۱٤) بجناحيها الساطعَي الضياء سراً على الإبن الوحيد وارث زرع الكرم (متى ۲۱:۳۸) العقلي، وبالإبن تبلغ به إلى الآب، أبي الأنوار. وهكذا فلنقرعنّ بلا تباطؤ وبلجاجة كبرى وثبات. ولا نكفنّ عن أن نقرع. وهكذا يفتح لنا. وإذا قرعنا مرة ومرتين ولم نفهم ما نقرأه فلا نملّ من أن نقرع، بل فلنثبت ونتأمل ونسأل، لأنه قال: " سَلْ أباك ينبئك وأشياخك يحدّثونك" (تثنية ۳۲:۷)، "فليس العلم في جميع الناس (۱ كورنثوس ۸:۷). لنتغترفنّ إذاً من ينبوع الفردوس مياهاً جارية صافية "تنبع إلى حياة أبدية" (يوحنا ٤:۱٤). لنتنعمنّ من دون أن نرتوي من التنعم، لأن النعمة في الكتب المقدسة مجانية. وإذا استطعنا أن نجني فائدة ما ممّا في خارج  هذه الكتب فليس ذلك من المحاظير. ولنكنْ في ذلك صيارفة حاذقين نحتفظ لنا بالذهب المعروف والصافي ونرمي منه ما كان مغشوشاً. لنأخذنّ من الكلام أجوده ونلق إلى الكلاب آلهتهم الهزيلة وخرافاتهم الغريبة. فإننا لنستطيع أن نقتني منها قوة ضدهم....

          وأسفار العهد الجديد هي الأناجيل الأربعة لمتى ومرس ولوقا ويوحنا، وأعمال الرسل القديسين للوقا الإنجيلي، والرسائل الجامعة السبع: واحدة ليعقوب واثنتان لبطرس وثلاث ليوحنا وواحدة ليهوذا، ورسائل بولس الأربع عشرة ورؤيا يوحنا اللاهوتي، وقوانين الرسل القديسين بواسطة اقليمنضس.